الضياع واحدة من أكثر الكلمات القوية التي لا نشعر بحجمها، ان تكون ضائعا ولا تجد الغرض من حياتك، او لا تعرف ما تريده حقا، او لا تعرف ما الاحلام التي تريد تحقيقها حقا.
الكثير منا ليس لديه التوجيه الصحيح، ولا يعرف قدراته وامكانياته، الشيء الذي ينعكس على أبنائنا واقاربنا، حيث لا نستطيع توجيه أطفالنا مستقبل الجيل القادم. الكثير من الاباء والامهات حاليا ليس لديهم هدف بالحياة، سوى أن يعيشوا حياة امنة، خالية من الحاجيات المادية، ومليئة بالمتعة والترفيه، غير مهتمين بالجانب الأهم من الحياة، وهو إيجاد الغاية الحقيقية من حياتنا، والتعرف على أنفسنا أكثر.
حكاية النسر والدجاج، قصة تجعلنا نستوعب أكثر ما نعيشه ونرضى به، رغم اننا متأكدين أن امكانياتنا أكثر بكثير من المستوى الذي نحن عليه اليوم.
بداية القصة.
كان هناك مزارعا بعيدا في الأرياف، محبا للاكتشاف والتجريب وكان يطرح تساؤلات غريبة أحيانا. في يوم من الأيام بينما يقوم بجولة في الغابة، رأى عشا كبيرا فوق الشجرة، فتساءل… لماذا هذا العش بهذا الحجم؟ هل هو لطائر عملاق؟ هل يوجد به بيض؟ وكيف هو حجم هذا البيض؟
بعد طرحه للكثير من التساؤلات، قرر الصعود فوق الشجرة ليرى ما يجري هنا، بعد وصوله للعش وبالصدفة، وجد بيضة تفقس فظهر من داخلها طائرا جميلا قويا… ثم بدأ بطرح تساؤلات أخرى، هل إذا اخذت هذا النسر القوي، وربيته مع دجاجي هل سيصبح مثلهم؟ ام سيأكلهم عندما يكبر؟ وهل سيعتبر نفسه دجاجة ام سيشعر بالاختلاف؟
بعد كل هذه التساؤلات، اخذ المزارع النسر وأدخله للمزرعة وسط الدجاج. مع مرور الوقت وفتح النسر عينيه، أصبح يرى فقط الدجاج من حوله، ماذا يأكلون، مما يخافون، ماذا يفعلون، ما هي امكانياتهم وحدودهم، قوتهم وضعفهم… تمر الأيام والنسر يعيش مع الدجاج يفعل ما يفعلون، يأكل الحشرات، يهرب من الحيوانات المفترسة، يبحث بالتربة على البذور…
العثور على الطريق.
ذات يوم وكالعادة يقوم بالبحث عن الحشرات والبذور في التربة، لاحظ أن كل الدجاج يجري مسرعا الى الحضيرة، في حالة خوف شديد، ثم نظر الى سماء مشاهدا نسرا ذهبيا قويا، بدأ ينظر اليه في حيرة من نفسه، بعدها قالت له احدى الدجاجات، اهرب أيها المجنون هل تريد الموت؟ هل تعتقد أنك قادر على مواجهة ذلك النسر العظيم؟ لا تقارن نفسك به، أنت مجرد دجاجة مثلنا. بعد لحظات من التأمل، والتعجب، سمع لكلام الدجاجة وأسرع هاربا الى الحضيرة…
لم يستطع النسر النوم طوال الليل، ظل يفكر بالنسر الذي شاهده في السماء، وكيف كان يبدو عظيما، وقويا حيث كل الحيوانات الأخرى تخافه. ثم بدأ يرى نفسه مكان ذلك النسر، وأن امكانيته وقوته مشابهة له، ثم امن بنفسه أنه يستطيع الوصول الى ذلك المستوى من العظمة.
في اليوم التالي صباحا، قرر أن يقلد ما فعله النسر في السماء، مد جناحيه الضخمين نحو السماء، ثم بدأ يرفرف ويجري الى أن حلق في السماء، لم يصدق نفسه وهو بنفس الفخر ومكانة النسر الاخر الذي راه سابقا. أصبح الدجاج مصدوما مما رأوه اما اعينهم، لم يصدقوا أن واحدا من بينهم، من داخل مزرعة الدجاج يستطيع أن يفعل ذلك، ويتعدى ما يعتقد ويؤمن به عن نفسه.
العبرة من القصة.
ما العبرة التي أخذتها من القصة؟ وهل فعلا أنك تعاني من نفس مشكلة النسر بمزرعة الدجاج؟
يجب أن تصل لمستوى عالي من الفكر الادراكي، لتستطيع العثور على نفسك واخراجها من مزرعة الدجاج نحو السماء العالية.
لا تقارن نفسك بحالتك الاجتماعية، او الوسط الذي تنتمي اليه، لان هناك معتقد سائد (أنا من عائلة فقيرة أب عن جد، فلماذا أحلم بأحلام الأغنياء؟) لو لم يؤمن النسر بنفسه وقدراته الكامنة التي يستطيع إخراجها، لما ظل كل حياته في مزرعة الدجاج، معتبرا نفسه دجاجة لا تقوى على فعل شيء.
لا تستمع الى الأشخاص المحبطين من حولك، فهم أيضا ضحايا الحرب النفسية، التي تقنعهم بمحدودية ما يستطيعون فعله. فلو امن النسر بكلام الدجاجة، لما تحرك من مكانه وبقي يعيش حياة الدجاج المليئة بالخوف والهروب.
اخرج نفسك من الضياع داخل مزرعة الدجاج، كن انت النسر، مد جناحيك وحلق عاليا في السماء، بعيدا عن الدجاج من حولك، عندها في السماء ستتضح لك الرؤيا، وستجد غايتك وهدفك الذي تسعى للانقضاض عليه.
نرجوا منك متابعتنا بمواقع التواصل الإجتماعي أسفله. كما يمكن ارسال أي سؤال أو استفسار.