لماذا بلاط الحرمين يبقى باردا، رغم الحرارة الكبيرة بمكة والمدينة المنورة؟
فمن العروف أنك عندما تتمشى حافي القدمين، سواء فوق الرمال او على طريق إسمنتي، غالبا ستشعر بحرارة كبيرة تحرق قدميك.
لكن بالحرمين، وحتى إن كنت تتمشى حافي القدمين فوق البلاط الأبيض، وبوقت الظهيرة، لن تشعر أبدا بأي حرارة.
إذا، ما السر في هذا؟ وما نوع الأرضية بالحرمين الشريفين؟
دعونا نتعرف أكثر حول بلاط الحرمين.
حقائق عن توسعة الحرمين
كلف الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، المهندس محمد إسماعيل كمال المصري، بتصميم وتنفيذ توسعة الحرمين الشريفين. كانت هذه مهمة ضخمة وشرف عظيم لإسماعيل، الذي أدرك أهمية المكانة الدينية والتاريخية للحرمين.
أدرك إسماعيل أنّ بلاط الحرمين يلعب دورًا هامًا في تجربة الزوار، حيث يغطي مساحة واسعة ويُلامس أقدام المصلين. لذلك، سعى جاهداً لاختيار أجود أنواع الرخام ليتناسب مع قدسية المكان وجماله.
قام إسماعيل برحلة طويلة وشاقة للبحث عن الرخام المثالي لتغطية أرضيات الحرمين. زار العديد من الدول الأوروبية، مثل إيطاليا واليونان، وفحص عينات لا حصر لها من الرخام.
بعدة مدة طويلة من البحث، وجد خيارين بين يديه، رخام كارارا الإيطالي، ورخام ثاسوس اليوناني. بعد جهد كبير في المقارنة بينها، وجد أن أفضل خيار هو الرخام اليوناني.
حقائق حول أرضية الحرمين
أولا لونه الأبيض الجميل، الذي يساعدة في عكس الحرارة المفرطة هناك، وملمسه الناعم الجميل.
كان المهندس محمد اسماعيل يذهب شخصيا الى اليونان ليقوم بالفحوصات اللازمة والإختبارات، ليتحقق من أن هذا النوع من الرخام هو حقا المناسب، وإليك بعض من خصائص هذا الرخام العجيبة.
لدى هذا النوع من الرخام بنية مسامية ومنفذة للهواء، مما يسمح بتدفق الهواء خلالها وبالتالي تبريدها بشكل طبيعي.
يمكن لهذا النوع من الصخور ايضا الإحتفاظ ببرودة الليل، ثم طرحها بالنهار عندما تبدأ درجة حرارته بالإرتفاع.
كذلك يتمتع بمعدل توصيل حراري منخفض جدًا، مما يعني أنه لا يحتفظ بالحرارة ولا ينقلها بسهولة. هذه الخاصية تساعد على الحفاظ على درجة حرارة البلاط معتدلة حتى في أشد ساعات النهار حرارة.
وما يزيد نسبة الإستفادة من خصائص هذا الرخام العجيبة، هو طريقة تركيبه. يتم تجهيز وتركيب بلاط الحرمين بطريقة خاصة تزيد من قدرته على التبريد الطبيعي. حيث يتم وضع طبقة من الرمل أو الحصى تحت البلاط، مما يسمح بتدفق الهواء البارد من التربة إلى البلاط، مما يساعد على تبريده.
كل هذه الخصائص التي ذكرناه، جعلت المهندس محمد اسماعيل، مستعد لعمل أي شيء للحصول على أكبر كمية ممكنة من هذا الرخام النادر.
صعوبات إنشاء أرضية الحرمين
رخام ثاسوس، يتم استخراجه من مكان واحد بالعالم، وهي جزيرة يونانية من جبال الثاسوس. وهذا يعني أن الكمية التي يمكن استخراجها محدودة، لأ، جبال الثاسوس قليلة على الجزيرة اليونانية.
لكن بفضل عزيمة المهندس اسماعيل كمال وفريقه، إستطاعو توفير كمية مناسبة قادرة على تغطية ارضية مكة المكرمة.
بعد نجاح الرخام في مكة المكرمة، وتجربة الزوار والحجاج التي كانت إيجابية. قرر الملك فهد إعادة نفس التجربة بحرم المدينة المنورة.
طبعا ذهب المهندس إسماعيل مرة أخرى الى تلك الجزيرة اليونانية، لكن المفاجئة لم يعثر على أي كمية مناسبة لتغطية الحرم المدني. حيث أخبره مسؤول المبيعات أن كل الكمية التي كانت بحوزتهم تم شراءها من طرف مستثمر آخر.
لم يعرف المهندس إسماعيل ما الذي يجب عليه أن يقوم به، وخصوصا أن توفير كمية مناسبة من هذا البلاط تحتاج شهور وسنين.
ضل يفكر طوال الليل حيث لم يستطع النوم، وهنا جاءته فكرة. وهي أن يقوم بالإستفسار حول الشركة التي إشترت الرخام، ومحاولة إقناعهم ببيعه لهم وبأي ثمن.
عند الإستفسار، معرفة من إشترى الرخام، شعر بالأمل والفرحة. وذلك لأن المشتري كان أيضا من المملكة العربية السعودية، وكل الكمية وصلت إلى مستودعات المستثمر السعودي.
رجع المهندس اسماعيل فورا الى السعودية، ثم ذهب مباشرة الى المستثمر. عندما تكلم معه، وعرف أن الرخام سيستعمل في حرم المدينة المنورة، لم يتردد وأهداهم كل الكمية. يقال أنه لم يأخذ فلسا واحد مقابلها، رغم أن المهندس اسماعيل عرض عليه أي مبلغ يريده.
وهكذا تم صنع أرضية الحرمين، بأندر أنواع الصخور بالعالم، وأكثرها غرابة.
فإذا تمشيت على هذا النوع من الرخام، فمن المتوقع أنك تساءلت مع نفسك لماذا هو بارد هكذا؟ نتمنى أننا قد أجبنا على سؤالك.