قصة إسلام المسيحي السابق، إسحاق هلال. من مسير لكنيسة بمصر، ورئيس لجمعيات خلاص النفوس المصرية، بإفريقيا وغرب آسيا الى الإسلام.
كيف اقتنع بالإسلام؟ وما التضحيات التي قدمها في سبيل اعتناء الدين الإسلامي؟
بهذا المقال سنتعرف على قصة القس المصري السابق اسحاق هلال مسيحة. قصة مؤلمة ومؤثرة مليئة بالأحداث.
بداية الصراع الفكري
يقول إسحاق هلال: حين بدأت أدرس حياة الأنبياء، بدأ الصراع الفكري في داخلي وكانت أسئلتي تثير المشاكل بين الطلبة. مما جعل البابا يصدر قرارا بتعييني قسيسا قبل موعد التنصيب بسنتين، وهذا طبعا لإغرائي بالمنصب وإسكاتي.
بعد وقت قليل، تم تعييني كذلك رئيساً لكنيسة المثال المسيحي بسوهاج، ورئيساً لجمعيّات خلاق النفوس المصريّة. وهي جمعيّة تنصيريّة قويّة جدّاً، لها جذور في كثير من البلدان العربية وبالأخص دول الخليج، والتي كانت تستهدف تنصير دول العالم الثالث تحديدا بأفريقيا.
كان البابا يغدق عليّ الأموال، حتّى لا أعود لمناقشة مثل تلك الأفكار. لكنّي مع هذا كنت حريصاً على معرفة حقيقة الإسلام، لم ينطفئ النور الإسلامي الذي أنار قلبي، بدأت علاقتي مع بعض المسلمين سراً، وبدأت أدرس وأقرأ عن الإسلام.
طُلب منّي إعداد رسالة الماجستير، حول مقارنة الأديان والإشراف على البحث العلمي في مصر.
استغرقت في إعدادها أربع سنوات، وكان المشرف يعترض على ما جاء في الرسالة، حول صدق نبوة الرسول محمد، صلى الله عليه وسلم، وأميته وتبشير المسيح بمجيئه.
وفي النهاية صدر قرار البابا بسحب الرسالة منّي وعدم الاعتراف بها. أخذت أفكر في أمر الإسلام تفكيراً عميقاً حتّى تكون هدايتي عن يقين تام. ولكن لم أكن أستطيع الحصول على الكتب الإسلامية فقد شدّد البابا الحراسة عليّ وعلى مكتبتي الخاصّة.
قصة القس والطفل بائع الكتب
يوما من الأيام، كنت ذاهباً لإحياء مولد العذراء بالإسكندريّة، أخذت قطار الساعة الثالثة وعشر دقائق، الذي يتحرك من محطة أسيوط متجهاً إلى القاهرة.
أثناء تواجدي داخل القطار، وأنا أرتدي الملابس الكهنوتية، مع الصليب ذو اللون الذهبي الكبير، الذي يزن ربع كيلو.
صعد صبيّ في الحادية عشر من عمره، يبيع كتيبات صغيرة فوزعها على كلّ الركّاب ماعدا أنا، وهنا صار في نفسي هاجس، لم كل الركاب إلا أنا؟ فانتظرته حتّى انتهى من التوزيع والجمع فباع ما باع وجمع الباقي قلت له: يا بنيّ، لماذا أعطيت الجميع بالحافلة إلا أنا؟ فقال: لا يا أبونا، أنت قسيس.
وهنا شعرت وكأنّني لست أهلاً لحمل هذه الكتيّبات، حتى ولو أن حجمها صغير، وطبعا لا يمسّه إلاّ المطهرون.
ألححت عليه ليبيعني منهم فقال: لا يمكن، هذه كتب إسلاميّة ثم نزل.
وبنزول هذا الصّبي من القطار شعرت وكأنّني جوعان وفي هذه الكتب شبعي، وكأنّني عطشان وفيها شربي.
نزلت خلفه فجرى خائفاً منّي فنسيت من أنا، وجريت وراءه حتّى حصلت على كتابين.
عندما وصلت إلى الكنيسة الكبرى بالعبّاسيّة، دخلت إلى غرفة النّوم المخصّصة بالمدعوّين رسميّاً كنت مرهقاً من السفر، ولكن عندما أخرجت أحد الكتابين، ثم فتحته وقع بصري على سورة الإخلاص، فأيقظت عقلي وهزت كياني.
بدأت أرددها حتى حفظتها وكنت أجد في قراءتها راحة نفسية واطمئناناً قلبياً وسعادة روحية، وبينما أنا لازلت مركز مع الكتاب، إذ دخل عليّ أحد القساوسة وناداني: يا أبونا إسحاق، فقمت وأنا أصيح في وجهه: قل هو الله أحد، دون شعور منّي.
الصراع النفسي
بعد أن أصبحت قسيسا رسميا، يوما ما جاءتني امرأة تعض أصابع الندم. قالت لي: لقد انحرفت ثلاث مرات، وأنا أمام قداستك الآن أعترف لك، رجاء أن تغفر لي وأعاهدك ألا أعود لذلك أبداً.
ومن العادة المتبعة، أن يقوم الكاهن برفع الصليب في وجه المعترف ويغفر له خطاياه. وما كدت أرفع الصليب لأغفر لها حتى تذكرت العبارة القرآنية الجميلة: قل هو الله أحد. فعجز لساني عن النطق وبكيت بكاءً حارّاً وقلت لنفسي: هذه جاءت لتنال غفران خطاياها منّي، فمن يغفر لي خطاياي يوم الحساب والعقاب؟
هنا أدركت أن هناك كبير أكبر من كل كبير، إله واحدٌ لا معبود سواه. ذهبت على الفور للقاء الأسقف وقلت له: أنا أغفر الخطايا لعامة الناس فمن يغفر لي خطاياي؟ فأجاب دون اكتراث: البابا طبعا.
فسألته: ومن يغفر للبابا؟ فانتفض جسمه ووقف صارخاً وقال: أنت قسيس مجنون، ولقد قلنا للبابا لا تنصّبه حتى لا يفسد الشعب بإسلاميّاته وفكره المنحل.
بعد ذلك صدر قرار البابا بحبسي في دير ماري مينا، بوادي النطرون.
أخذوني معصوب العينين وهناك استقبلني الرهبان استقبالاً عجيباً، استقبلوني بجميع أصناف العذاب، علماً بأنّني حتّى تلك اللحظة لم أسلم بعد، كل منهم يحمل عصا يضربني بها وهو يقول: هذا ما نصنع ببائع دينه وكنيسته.
استعملوا معي كل أساليب التعذيب، الذي لا تزال آثاره موجودةً على جسدي. وهي خير شاهدٍ على صحّة كلامي، حتّى أنّه وصلت بهم أخلاقهم اللاإنسانيّة أنهم كانوا يدخلون عصا المقشّة في دبري يوميّاً، سبع مرّات في مواقيت صلاة الرهبان لمدّة سبعة وتسعين يوماً، وأمروني بأن أرعى الخنازير.
طريق الإسلام
بعد أيّام صدر أمر البابا برجوعي لكنيستي، بعد نقلي من سوهاج إلى أسيوط. لكن الأشياء التي حدثت معي، بالإضافة الى سورة الإخلاص، وكرسي الاعتراف. وما مارسه الرهبان لي، جعلت في نفسي أثراً كبيراً، لكن ماذا أفعل وأنا محاصر من الأهل والأقارب والزوجة، وممنوع من الخروج من الكنيسة بأمر من كبير البابا.
بعد مرور عام، جاء أمر لي بأن أذهب مع طاقم الكنيسة، لحملة تنصيرية بالسودان. وقد بدأ زملائي بإغراء الطبقة الفقيرة من المجتمع، من مال وطعام وحياة جميلة.
بعد نهاية الرحلة وأثناء رجوعنا بالباخرة مارينا في النّيل، قمت أتفقّد المتنصرين الجدد، وعندما فتحت باب الكابينة أربعة عشر بالمفتاح الخاص بالطاقم العامل على الباخرة، فوجئت بأن المتنصر الجديد عبد المسيح،الذي كان اسمه محمّد آدم، يصلّي صلاة المسلمين.
تحدّثت إليه فوجدته متمسّكاً بعقيدته الإسلاميّة، فلم يغريه المال ولم يؤثّر فيه بريق الدنيا الزائل.
قلت له: يا عبد المسيح، لماذا تصلّي صلاة المسلمين بعد تنصّرك؟ فقال: بعت لكم جسدي بأموالكم، أمّا قلبي وروحي وعقلي فملك الله الواحد القهّار، لا أبيعهم بكنوز الدنيا وأنا أشهد أمامك، بأن لا إله إلا الله وأنّ محمّد رسول الله.
وسبحان الله، كأن الله أرسل لي هذا الرجل السوداني، لأجعل منه قدوتي. هنا قررت الإسلام رغم أنني أعرف العواقب التي ستحصل لي.
الإسلام رغم المعاناة
حاولوا اسكاتي بجميع الطرق، لأن إسلامي يعد فضيحة للكنيسة. خوفا من بطشهم، ذهبت الى مديرية الأمن لأشهر إسلامي.
هدّدتني اللجنة المكونة من أربعة قساوسة و ثلاث مطارنة، بأنها ستأخذ كلّ أموالي وممتلكاتي المنقولة والمحمولة والموجودة في البنك الأهلي المصري. والتي كانت تقدّر بحوالي أربع مليون جنيه مصريّ، وعمارة مكوّنة من أحد عشر طابق، ومحل تصنيع الذهب.
لكن سبحان الله، وصلت لمرحلة لم أعد أهتم، فتنازلت لهم عن كل شيء بدون تردد. رغم ذلك لم يدعونني وشأني، فقد كادت لي الكنيسة العداء، حاولوا قتلي مرارا، فقد تعرضت لثلاث محاولات اغتيال من أخي وأولاد عمّي.
قاموا بإطلاق النّار عليّ في القاهرة، وأصابوني في كليتي اليسرى والّتي تم استئصالها.
لأصبح بكلية واحدة وهي اليمنى ويوجد بها ضيق الحالب بعد التضخم، الذي حصل لها بقدرة الخالق الذي جعلها عوضاً عن كليتين.
ولكن للظروف الصعبة الّتي أمر بها، بعد أن جرّدتني الكنيسة من كل شئ والتقارير الطبّيّة التي تفيد احتياجي لعملية تجميل لحوض الكلية وتوسيع للحالب.
ولأني لا أملك تكاليفها الكبيرة، أجريت لي أكثر من خمس عشرة عملية جراحيّة، من بينها البروستات ولم تنجح واحدة منها لأنها ليست العملية المطلوب إجراؤها حسب التقارير التي أحملها.
وليس هذا فقط، لما علم والدي بإسلامي، أقدما على الانتحار، فأحرقا نفسيهما والله المستعان.
لكن احتسبت كل هذا لله، خصوصا عندما عرفت قصص الصحابة والصالحين من قبلي، الذين عانوا أكثر مني. وعرفت أن الله لن يضيعني، فلكل بلاء أجره.
نرجوا منك متابعتنا بمواقع التواصل الإجتماعي أسفله. كما يمكن ارسال أي سؤال أو استفسار.