اليوم سنطرح قصة للكاتب الدنماركي “هانز كريستان أندرسون” وهو مشهور جدا بقصصه الهادفة ذات المعاني العميقة.
هذه الحكاية قد تراها كحكاية أطفال ولكن لها معاني عميقة جدا والتي تحدث لكل شخصا منا بحياته من صعوبات و فشل و إحباط قد نشعر به في مراحل حياتنا.
الحكاية.
ذات يوم من أيام الصيف وبالقرب من خندق مائي يحيط بقصر أحد الحكام. كانت البطة الأم تراقب بيضها وهو يفقس واحدة بعد الأخرى إلا واحدة كانت كبيرة على نحو غير معتاد في بيض البط. أكدت بطة عجوز أنها بيضة دجاجة رومية وحذرت الأم من أن الفراخ الرومية تخاف الماء. وعندما فقست البيضة، خرج منها صوص كبير دميم يتعثر. خشيت الأم أن يكون صوصا رومية حقا فقالت في نفسها لابد أن أصطحبه إلى الماء حتى لو اضطررت لدفعه فيه»
قادت الأم فراخها إلى الماء، وفي الحال قفزت الواحدة بعد الأخرى وطفت جميعا على سطحه ببراعة ومن بينهم الصوص الدميم. فقالت الأم في نفسها: «أبدأ، ليس هذا بصوص رومي، بل هو ابنيه.
وعندما تجمعوا في ساحة البط أخذت الفراخ جميعا تضايق الصوص الدميم لأنه كان مختلفة جدا عنها. كان البط الكبير يعضه والدجاج ينقره، حتى الفتاة التي كانت تطعمهم كانت تركله. وكان إخوته وأخواته يقولون إنهم يتمنون لو خطفته الهرة، حتى إن الأم نفسها تمنت أن يرحل هذا الصوص الدميم. فتملكه اليأس وطار فوق السور وفر إلى المستنقع.
وفي تلك البرية قابل الصوص بعض الإوز البري الودود . ولكن سرعان ما بدأ الصيد، أصاب الرصاص الإوز، وصارت البحيرة حمراء من لون الدماء، وجاء كلب مخيف أثار ماء المستنقع ليمسك لصاحبه بالإوز الميت، فتملك الصوص رعب لا حد له.
وفي الليل هرب من المستنقع حتى أتي مزرعة رقيقة الحال تعيش فيها امرأة عجوز ومعها هر ودجاجة. كان الهر سيد البيت والدجاجة سيدته. وكان لكل منهما رأيه في كل شيء. ظن أن من حقه أن يرى خلاف ما يرون، لكنهما رفضا ذلك رفضا قاطعا. كان الصوص آمنا في الركن الذي يؤويه، لكنه كان يتوق إلى الخروج وإلى الماء، فأفضى للدجاجة بسره. لكنها أكدت أن الكسل هو مصدر هذه الأفكار السخيفة، ونصحته بأن يجد ما يشغله. إلا أن شغفه استمر وازداد، وكان رأي الدجاجة أن الصوص أصبح لا يطاق. وسألته إن كان يظن أن الهر أو الدجاجة أو المرأة العجوز يحبون أن يخوضوا في الماء، وقالت له إن فكرته ليس بها أي مسحة عقل. صاح الفرخ: «لكنك لا تفهمينني؟» ثم انطلق إلى العالم الرحب.
كان الصوص بطبيعته يحب السباحة والغطس في الماء، لكن المخلوقات الأخرى استمرت في إقصائه. وفي إحدى أمسيات الخريف شاهد الصوص سربا من الطيور البيضاء الجميلة ذات أعناق طويلة رشيقة: طيور البجع. نشرت تلك الطيور الرائعة أجنحتها وطارت نحو مناطق أكثر دفئة. شعر الصوص بارتباط غريب بها، وعلى رغم من أنها اختفت سريعا عن نظره، إلا أنه لم ينس قط تلك المخلوقات المذهلة.
حل الشتاء، وكان الصوص المسكين مضطرا للسباحة في أنحاء متفرقة حتى لا يتجمد سطح الماء كله. لكنه في النهاية أصابه التعب وعلق في الثلج. ولحسن حظه راه مزارع وأنقذه.
وأخيرا أقبل الربيع، واختبر الصوص جناحيه فأحدثا دوا وهما يحملانه إلى حديقة جميلة. وعندما هبط على الماء رأي الطيور الجميلة مرة أخرى، لكنها كانت قادمة نحوه هذه المرة وريشها منفوش، فخاف أن يركلوه ركلة فيها موته بسبب شكله الدميم. استسلم الصوص لقدره، وانحنى برأسه نحو سطح الماء الساكن، وفجأة رأی انعكاس صورته – كان هو نفسه ذكر بجع.
العبرة من القصة.
الحكمة التي اراد الكاتب “هانز كريستان أندرسون” ايصالها هي أن كل شخص بيننا يجد صعوبة كبيرة في نمو والنضوج الفكري وإيجاد الذات وأن تجد نفسك في ما تريده من هذه الحياة.
وأحيانا كل التخبطات والمشاكل التي تمنحنا الحياة والمعناة التي نخوضها تكون غالبا سبب في نضوجنا وايجاد الذات.
كما راينا في حكاية البط الذميم قد تأثر بالمشهد الذي شاهده عندما رآى مجموعة من طيور البجع الجميلة تحلق في السماء والتي تعني الأشخاص الناجحين في عالمنا ضل يفكر بهم طوال الوقت وقد تمنى أن يصبح واحدا منهم أي شخصا ناجحا بحياته.
المصائب التي حلت بالبط الذميم وإقترابه من الموت مرات كثيرة في المستنقع والمزرعة وغيرها تعني في عالمنا كل المشاكل التي تحصل معنا والتي قد نرى ان حلها مستحيلا في بعض الاحيان ولكن كلما نجونا من تلك المشاكل ونجونا منها تقوم بتقويتنا وتجعلنا ننمو بصورة سريعة.
عندما بدأت باقي الفراخ الأخرى في المزرعة بمضايقة البط الذميم فقط لانه لا يشبههم ما يعني بالنسبة لنا هو عندما تمسك مسارا مختلفا عن المجتمع و محيطك او تختار عدم العيش حياة القطيع يبدأ الكل بانتقادك ومهاجمتك بمختلف الطرق فقط لانك تبدو مختلفا فكريا عليهم او فقط لانك لا تشاركهم نفس التفكير او نمط الحياة الكلاسيكي.
وبنسبة لآخر فقرة بالحكاية تفسر لنا انه مهما تعرضنا للمشاكل والسخرية من الاخرين اذا لم تستسلم ستصل لما تريده فبعد ما رآى نفسه بالمياه على شكل بجع جميل وكل المحيطين به عبارة على طيور البجع ايقن انه قد وصل الى هدفه وحلمه أن يكون واحدا من طيور البجع التي شاهدها بالسماء وهو مازال طائرا قبيحا لا أحد يحبه.
الخلاصة
دائما لا تبدي اي اهتمام الى المتنقذين والاشخاص السلبيين. ركز على هدفك وسوف تصل إليه حينها ستجد نفسك محاطا بالأشخاص الذين كنت تحلم بأن تكون واحدا منهم و كل الأشخاص الذين كانوا يسخرون منك سيتمنوا أن يكونوا بمكانك الذي لم يكن يعجبهم.
إستمتع بالمشاكل والتخبطات التي تحصل لك لانها الشئ الوحيد التي ستجعلك تنموا من صوص بط قبيح لا أحد يحبه الى بجبع كبير وجميل كل الناس تتمنى مرافقته.